فرط نشاط الغدة الدرقية
نظرة عامة
يحدث فَرْط نشاط الغدة الدرقية عندما تنتج الغدة الدرقية كمية كبيرة من هرمون الثايروكسين. قد يسبب فَرْط نشاط الغدة الدرقية زيادة سرعة الأيض، وينتج عنه فقدان الوزن غير المقصود وسرعة وعدم انتظام ضربات القلب.
يوجد العديد من طرق علاج فَرْط نشاط الغدة الدرقية. يستخدم الأطباء الأدوية المضادة للدرقية واليود المشع لإبطاء إنتاج الهرمون الدرقي. في بعض الأحيان، يتضمن العلاج إجراء جراحة لإزالة غدتك الدرقية بأكملها أو جزء منها.
بالرغم من أن فَرْط نشاط الغدة الدرقية قد يكون خطيرًا إذا تجاهلته، فإن معظم الأشخاص تكون استجابتهم جيدة بمجرد تشخيص الحالة وعلاجها.
الأعراض
يمكن لفرط نشاط الغدة الدرقية أن يحاكي المشاكل الصحية الأخرى، مما قد يجعل من الصعب على طبيبك تشخيصها. يمكنها أن تسبب أيضًا مجموعة واسعة من العلامات والأعراض، بما في ذلك:
- إنقاص الوزن غير المقصود، حتى عندما تظل شهيتك وتناولك للطعام كما هو أو تزيد
- نبضات سريعة (تسرع القلب) — عادةً أكثر من 100 نبضة في الدقيقة
- اختلال ضربات القلب (اضْطِرابُ النَّظْم)
- دق القلب بقوة (خفقان القلب)
- تناوُل الطعام بشراهة
- العصبية والقلق والتهيج
- الرعشة — عادة ما يوجد رجفة خفيفة في يديك وأصابعك
- التعرُّق
- تغييرات في أنماط الحيض
- التحسُّس الزائد للحرارة
- التغييرات في أنماط حركة الأمعاء، وخاصةً زيادة حركة الأمعاء
- الغدة الدرقية المتضخمة (الدُّراق)، التي قد تظهر على هيئة تورُّم في قاعدة العنق
- تعب، وضعف في العضلات
- صعوبة النوم
- ترقق الجلد
- شعر خفيف وهش
من المرجح ألا يكون للبالغين الأكبر سنًّا أي علامات أو أعراض أو أعراض خفية، مثل زيادة معدل ضربات القلب وعدم تحمل الحرارة وميل إلى الشعور بالتعب خلال الأنشطة العادية.
متى تزور الطبيب
إذا تعرضتَ لفقدان غير واضح السبب في الوزن، أو سرعة كبيرة في ضرَبات القلب، أو تعرُّق غير طبيعيٍّ، أو تورُّم في قاعدة رقبتك، أو أي علامات وأعراض مصاحبة لفَرْط نشاط الغدة الدرقية، فاستشر الطبيب. من المهم أن تصف بالكامل التغييرات التي لاحظتها؛ وذلك لأن العديد من العلامات والأعراض الخاصة بالإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية قد تكون مصاحبة لعدد من الحالات الأخرى.
إذا سبق علاجك من الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية، أو إذا كنت تتلقى علاجًا حاليًّا، فراجع الأمر مع الطبيب بانتظام، وذلك حتى يمكنه مراقبة حالتك.
الأسباب
يمكن أن يحدث فرط نشاط الغدة الدرقية (فَرْط الدرقية) بسبب عدد من الحالات، ويشمل ذلك داء غريفز (الدُّرَاق الجُحُوظِيّ)، وداء بلامر، والتهاب الغدة الدرقية.
درقيتك عبارة عن غدة صغيرة على شكل فراشة في قاعدة الرقبة أسفل تفاحة آدم الخاصة بك. الغدة الدرقية لها تأثير كبير على صحتك. تعمل الهرمونات الدرقية على تنظيم جميع جوانب عملية الأيض الخاصة بك.
تُفرِز غدتك الدرقية اثنين من الهرمونات؛ الثايروكسين (T4) وثلاثي يود الثيرونين (T3)، واللذين يؤثران على كل خلية في جسمك. ويحافظان على معدل استخدام جسمك للدهون والكربوهيدرات، ويساعدان في ضبط درجة حرارة جسمك، ويؤثران على معدل ضربات قلبك، ويساعدان على تنظيم إفراز البروتين. تُفرِز درقيتك أيضًا هرمونًا يساعد على تنظيم مقدار الكالسيوم في دمك (الكالسيتونين).
عوامل الخطر
تشمل عوامل خطر فَرْط نشاط الغدة الدرقية (فَرْط الدرقية) الآتي:
- تاريخ العائلة وخصوصًا داء غريفز (الدُّرَاق الجُحُوظِيّ)
- كونك أنثى
- تاريخ شخصي لأمراض مزمنة معينة مثل مرض السكري من النوع 1 وفقر الدم الخبيث وقصور الكظر الأوَّلي
المضاعفات
يمكن أن يؤدي فرط نشاط الغدة الدرقية إلى عدد من المضاعفات، ومنها:
- مشكلات في القلب. بعض المضاعفات الأكثر خطورة لفرط نشاط الغدة الدرقية تشمل القلب. وتشتمل على تَسارُع معدَّل ضربات القلب، واضطراب إيقاع القلب، وتُعرف بالرَّجَفان الأذيني، وتزيد من خطر السكتة الدماغية، وفشل القلب الاحتقاني، وهي حالة تحدث عندما يفقد القلب قدرته على توزيع الدم بشكل كافٍ لسدِّ الاحتياجات البدنية.
- العظام الهشة. يمكن أن يؤدي فرط نشاط الغدة الدرقية (فَرْط الدرقية) غير المعالج أيضًا إلى الضعف، والعظام الهشة (هشاشة العظام). تعتمد قوة العظام _ كلٌّ في موضعه_ على كمية الكالسيوم ومدى احتوائها على الأملاح المعدنية الأخرى. فرط إفراز هرمون الغدة الدرقية (الهرمون الدرقي) يُعيق قدرة العظام على امتصاص الكالسيوم داخل الجسم.
- مشاكل العين. ينتج عن الإصابة بداء غريفز (الدراق الجحوظي) مشاكل العين، ومنها الجحوظ، وتورُّم العين واحمرارها، والحساسية للضوء، والزغللة، وازدواجية الرؤية. وقد تؤدي مشاكل العين الشديدة غير المعالجة إلى فقدان البصر.
- احمرار وتورُّم الجلد. وفي حالات نادرة، يظهر داء غريفز (الدُّرَاق الجُحُوظِيّ) الجلدي في المصابين بداء غريفز. مما يُؤَثِّر على الجلد متسبِّبًا في الاحمرار والتورُّم، حتى على الساقين والقدمين.
- نوبة التسمُّم الدرقي. ويضعكَ أيضًا فرط نشاط الغدة الدرقية (فَرْط الدرقية) في خطر نوبة التسمُّم الدرقي، وهي عبارة عن زيادة مفرطة ومفاجئة في شدة الأعراض، مؤديًا إلى الحُمَّى وتَزايُد النبض، وحتى الهذيان. وإذا ظهرتْ هذه الأعراض، فاطلب الرعاية الطبية الفورية.
التشخيص
يُشخَّص فرط نشاط الغدة الدرقية باستخدام:
- التاريخ الطبي والفحص البدني. أثناء الفحص، قد يحاول الطبيب اكتشاف وجود رعشة خفيفة في أصابعك عندما تُمدِّدها، وردود الفعل النشطة، وتغيُّرات العين، ودفء ورطوبة البشرة. سيفحص الطبيب كذلك الغدة الدرقية لديك عند عملية البلع، لاكتشاف تضخمها أو انتفاخها، أو رخاوتها من عدمها، والتحقق من النبض لمعرفة حالة سرعته أو انتظامه.
- اختبارات الدم. يمكن تأكيد التشخيص عبر اختبارات الدم التي تقيس هرمون الثايروكسين والهرمون المستحث للغدة الدرقية (TSH). تشير النسب الكبيرة من هرمون الثايروكسين، ومن انعدام أو انخفاض نسب TSH، إلى وجود فرط نشاط في الغدة الدرقية. كمية TSH هي الرقم الأهم؛ لأنه الهرمون الذي يشير إلى أن غدتك الدرقية تنتج المزيد من هرمون الثايروكسين.
هذه الاختبارات ضرورية، لا سيما لكبار السن، الذين قد لا تظهر عليهم الأعراض الكلاسيكية لفرط نشاط الغدة الدرقية.
قد تعطي اختبارات الغدة الدرقية في الدم نتائج خاطئة إذا كنت تتناول البيوتين - مكملات فيتامين B التي يمكن أيضًا أن تكون موجودة في الفيتامينات المتعددة. أخبِرْ طبيبك إذا كنت تستخدم البيوتين أو الفيتامينات التي تحتوي على البيوتين. لضمان الحصول على نتائج اختبار دقيقة، يلزم التوقف عن تناول البيوتين قبل 12 ساعة على الأقل قبل أخذ عينة الدم.
إذا أشارت نتائج فحص الدم إلى وجود فرط نشاط في الغدة الدرقية، قد يوصي طبيبك بإجراء أحد الاختبارات التالية للمساعدة في تحديد سبب فرط نشاط الغدة الدرقية لديك:
- اختبار امتصاص اليود المشع. لإجراء هذا الاختبار، فإنك تتناول بالفم جرعة صغيرة من اليود المشع، لمعرفة القدر الذي سيتجمع في غدتك الدرقية. ستخضع للفحص لاحقًا بعد أربع أو ست أو 24 ساعة -وأحيانًا بعد كل الفترات الثلاث- لمعرفة قدر اليود الذي امتصته الغدة الدرقية لديك.
يشير امتصاص الغدة الدرقية للكثير من اليود المشع إلى أن الغدة الدرقية تفرز الكثير من الثايروكسين. السبب الأرجح هو إما داء غريفز (الدُّرَاق الجُحُوظِيُّ)، وإما عقيدات الغدة الدرقية المفرطة النشاط. إذا كان لديك فرط في نشاط الغدة الدرقية، وانخفاض في مستوى امتصاص اليود المشع، فهذا يشير إلى أن هرمون الغدة الدرقية المخزنة في الغدة يتسرب إلى مجرى الدم؛ مما قد يعني أنك مصاب بالتهاب الغدة الدرقية.
- تصوير الغدة الدرقية. وخلال هذا الاختبار، سيُحقَن الوريد في مِرْفَقك أو يدك بنويدة مشعة. ثم سيُطلب منك الاستلقاء على طاولة، وتمديد رأسك للخلف؛ حيث ستُنتِج كاميرا خاصة صورة للغدة الدرقية على شاشة الكمبيوتر. يبين هذا الاختبار كيف يتجمع اليود في الغدة الدرقية.
- التصوير بالموجات فوق الصوتية (الألتراساوند) للغدة الدرقية. يَستخدم هذا الاختبار الموجات الصوتية العالية التردد لإنتاج صور للغدة الدرقية لديك. قد يكون التصوير بالموجات فوق الصوتية (الألتراساوند) اختيار الفحص الأفضل في الكشف عن عقيدات الغدة الدرقية؛ لأنه الاختيار الذي لا يشمل أي تعرُّض للإشعاع.
العلاج
يوجد العديد من العلاجات لمرض فَرْط الدرقية. يعتمد تحديد أنسب الطرق لكَ على عمركَ، وحالتكَ البدنية، والسبب الكامن وراء فَرْط الدرقية، وكذلك على التفضيلات الشخصية، ومدى شدة الاضطراب. تتضمَّن العلاجات المحتمَلة ما يلي:
- اليود المُشِع. يتمُّ تَناوُل اليود المُشِع عن طريق الفم، وتمتصُّه الغدة الدرقية؛ مما يتسبَّب في تقليص حجم الغدة. غالبًا ما تَخْمُد الأعراض في غضون عدة شهور. تختفي الزيادة من اليود المُشِع من الجسم في خلال أسابيع إلى شهور.
قد يؤدي هذا العلاج إلى إبطاء نشاط الغدة الدرقية بالقدر الكافي لاعتباره قصورًا في نشاط الغدة الدرقية (قصور الدرقية)، وقد تحتاج في نهاية الأمر إلى تَناوُل الدواء يوميًّا؛ لتعويض الثايروكسين.
- الأدوية المُضادة للدرقية. تُقلِّل تلك الأدوية أعراض فَرْط الدرقية تدريجيًّا من خلال منع الغدة الدرقية من إنتاج كمياتٍ مفرطةٍ من الهرمونات. ومن بين هذه الأدوية ميثيمازول (تابازول)، وبروبيل ثيوراسيل. غالبًا ما تبدأ الأعراض في التحسُّن في غضون عدة أسابيع إلى عدة أشهر، ولكن عادةً ما يستمرُّ العلاج باستخدام الأدوية المضادة للدرقية على الأقل لمدة عامٍ أو أكثر في معظم الأحيان.
وبالنسبة لبعض الأشخاص، يقضي هذا العلاج على المشكلة نهائيًّا، ولكن قد يتعرَّض البعض الآخرون لحدوث انتكاسة. من الممكن أن يؤدِّي كلا الدواءين إلى تَلَف شديد بالكبد، وفي بعض الأحيان إلى الموت. وحيث إن بروبيل ثيوراسيل قد تسبَّب في حالات كثيرة جدًّا من تلف الكبد، فهو لا يُستخدم عامة إلا في حالة عدم قدرتكَ على تَحمُّل ميثيمازول.
وقد يُصاب عدد قليل من المرضى ممن لديهم حساسية تجاه هذين العقارين بطفحٍ جلدي أو شرى أو حُمًّى أو ألمٍ بالمفاصل. وقد يجعلانكَ أيضًا أكثر عرضة للإصابة بالعدوى.
- حاصرات بيتا. ورغم شيوع استخدام هذه الأدوية لعلاج ضغط الدم المرتفع وعدم تأثيرها على مستويات هرمونات الغدة الدرقية، فإنه بإمكانها تخفيف أعراض فَرْط الدرقية، مثل الرعاش، والحدُّ من تَسارُع معدَّل ضربات القلب وخفقانه. ولهذا السبب، قد يصف الطبيب هذه الأدوية؛ لمساعدتكَ على الشعور بالتحسن حتى تقترب مستويات هرمونات الغدة الدرقية لديكَ من المستوى الطبيعي. لا يوصَى باستخدام تلك الأدوية مع المرضى المصابين بالربو، وقد تتضمَّن الآثار الجانبية الإرهاق والضعف الجنسي.
- الجراحة (استئصال الغدة الدرقية). إذا كان المريض امرأة حاملًا، أو غير قادرٍ على تَحمُّل العقاقير المضادة للغدة الدرقية ولا يريد تناولها، أو لا يستطيع الخضوع لعلاج اليود المُشِع؛ فقد يصبح مرشَّحًا للخضوع لعملية الغدة الدرقية، رغم أن هذا الإجراء لا يُعَدُّ خيارًا إلا لقليلٍ من الحالات.
خلال عملية استئصال الغدة الدرقية، يَستأصِل الطبيب معظم الغدة الدرقية. تتضمَّن مخاطر هذه العملية الجراحية حدوث تلفٍ في الأحبال الصوتية والغدد الجار درقية — هي أربع غُدَد صغيرة موجودة خلف الغدة الدرقية، وتساعد على التحكُّم في مستوى الكالسيوم في الدم.
فضلًً عن ذلك، سوف يحتاج المريض إلى تَلَقِّي علاج بدواء ليفوثيروكسين (ليفوكسيل وسنثرويد، وغيرهما) لمدى الحياة؛ من أجل إمداد الجسم بالكميات الطبيعية من هرمون الغدة الدرقية. في حالة استئصال الغُدَد الجار درقية أيضًا، فسوف يحتاج المريض إلى أدوية لإبقاء الكالسيوم في مستواه الطبيعي بالدم.
داء غريفز (الدُّرَاق الجُحُوظِيُّ)
في حالة تأثُّر عينيك بداء غريفز (الدُّرَاق الجُحُوظِيِّ)، فيمكنك التحكُّم في العلامات والأعراض الخفيفة من خلال استخدام الدموع الاصطناعية، ومراهم التليين، وتجنُّب التعرض لتيارات الهواء والأضواء الساطعة. إذا كنت تعاني من أعراض أكثر شدة، فقد يوصي طبيبك بعلاج يحتوي على الكورتيكوستيرويدات مثل البريدنيزون للحد من الشعور بالانتفاخ خلف مقلة العين.
يوجد عقارين — ريتوكسيماب (Rituxan) وتيبروتموماب — يتم استخدامهما في علاج داء غريفز (الدُّرَاق الجُحُوظِيِّ)، حتى لو لم تكن هناك الكثير من الأدلة المعروفة حتى الآن التي تثبت فاعليتهما. تلقت تيبروتموماب موافقة سريعة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية وفقًا لإحدى الدراسات الصغيرة. هناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات على العقارين كعلاج لداء غريفز (الدُّرَاق الجُحُوظِيِّ).
وفي بعض الحالات، قد يكون الإجراء الجراحي خيارًا مطروحًا:
- جراحة تخفيف الضغط المداري. في هذه الجراحة، يزيل الطبيب العظم الموجود بين تجويف العين والجيوب الأنفية - المساحات الهوائية بجانب تجويف العين. عندما ينجح الإجراء، فإنه يحسِّن الرؤية، ويتيح مساحة لعينيك للعودة إلى وضعهما الطبيعي. ولكن هناك خطر حدوث مضاعفات، ويشمل ذلك الرؤية المزدوجة التي تستمر أو تظهر بعد الجراحة.
- جراحة عضلة العين. يمكن أن يتسبب داء غريفز (الدُّرَاق الجُحُوظِيِّ) في ظهور نسيج ندبة أحيانًا مما يؤدِّي إلى قِصَر عضلة عين واحدة، أو العينين معًا. يتسبب هذا في سحب عينيك خارج المحاذاة، مما يؤدي إلى ضعف الرؤية. قد تساعد جراحة عضلات العين في تصحيح الرؤية المزدوجة عن طريق قطع العضلات المصابة من مقلة العين وإعادة ربطها بعيدًا.